كيف غيرت الـ Story وجه التواصل الاجتماعي
بيني ترو ونانسي بايم، جامعة ميشيغان و مايكروسوفت
Penny Trieu and Nancy K. Baym. 2020. Private Responses for Public Sharing: Understanding Self-Presentation and Relational Maintenance via Stories in Social Media. In Proceedings of the 2020 CHI Conference on Human Factors in Computing Systems (CHI '20). Association for Computing Machinery, New York, NY, USA, 1–13. DOI: https://doi.org/10.1145/3313831.3376549

Photo credit: Dzmitry Kliapitski
تقديم منظور
انضم تويتر لقائمة منصات التواصل الاجتماعي التي تعرض خاصية Story عبر تقديمهم Fleets الأسبوع الماضي، وهو محتوى سريع الزوال ephemeral content لا يتجاوز الأربعة والعشرين ساعة. ويعزى توجه توتير لهذه الاضافة إلى مدى شعبية هذه الميزة والتي يستخدمها قرابة ملياري مستخدم الذين أصبحوا يفضلون مشاركة هذا النوع من المحتوى المؤقت على المحتويات التقليدية مثل Feeds. في هذا المقال، نستعرض بحث حديث النشر في مؤتمر CHI العالمي والذي يدرس سلوك المستخدمين في التعامل مع Story في منصات التواصل الاجتماعي وما الذي يدفعهم لتفضيلها عن الطرق التقليدية لمشاركة المحتوى. يندرج هذا البحث تحت تفاعل الإنسان مع الالة والحوسبة الاجتماعية.
ملخص تنفيذي

الخريطة الذهنية للمقال (غرِّد)
"All the world’s a stage, And all the men and women merely players: They have their exits and their entrances; And one man in his time plays many parts."
—Shakespeare, As You Like It, 2/7
يسعى رواد التواصل الاجتماعي عند مشاركة محتوياتهم على الحصول على التفاعل المرضي من متابعيهم. هذا التفاعل والذي قد يكون على شاكلة رد ، إعادة تدوير أو حتى تفضيل، يمثل الحافز الأساسي للتواصل الاجتماعي في هذه المنصات، حيث يشبع هذا التفاعل حاجة المستخدم للحصول على القبول الاجتماعي وكذلك تطوير العلاقات. وحتى يتحقق للمستخدم هذا الهدف، فأنه يسعى لتمثيل ذاته في هذه المنصات بطريقة تجعله مقبولا اجتماعيا. كما يعتمد استراتيجيات مختلفة لتحقيق هذا المظهر و للحفاظ على علاقته مع الآخرين عبر اختيار المحتوى "المناسب" و الأسلوب الأمثل في التعاطي مع غيره من المستخدمين عبر الردود. وتعتبر الردود مهمة للغاية، لأنها، و في مرحلة ما قبل الـ story، كانت تعتبر مرئية وظاهرة للكل و جزءً لا يتجزأ من محتويات منصات التفاعل الاجتماعي المقروءة.
تغير أسلوب التفاعل في منصات التواصل الاجتماعي بعد ظهور خاصية الـ Story في الساحة. بعد ما استهلها سناب شات في عام ٢٠١٣، توالى ظهورها في فيسبوك، انستقرام، واتس اب (جميعها مملوكة من قبل شركة فيسبوك) وأخيرا تويتر. حتى أدوات التطوير البرمجية ك VS Code أصبح لديها هذه الخاصية (طورها Ben Awad ) لإشباع فضول المبرمجين في معرفة ما يفعله زملائهم في الوقت الحالي. و لسرعة انتشارها توالت "المي مات" Memes للتندر بوجودها في الاصدار الجديد من مايكروسوفت اكسل او حتى في الالة الحاسبة!


ووفقا لفيسبوك، أصبحت خاصية الـ Story الوسيلة الأساسية لمشاركة الأخبار متجاوزة بذلك الوسيلة التقليدية، feed . والسؤال الذي يُطرح في هذا السياق؟ ما المميز في هذه الخاصية والذي جعلها تتسيد طرق المشاركة المتعارف عليها؟ وما الذي دفع تويتر لتضمينها ضمن تحديثه الجديد؟
لعلنا في البداية نستعرض الاختلاف الذي يميز منشورات الـ Story عن غيرها، والذي يمكن تلخيصه في النقاط التالية:
كونها منشورات مؤقتة تختفي بعد مرور يوم، وبالتالي لا يمكن تتبعها والوصول إليها مستقبلا من قبل المتابعين.
في الوقت الذي لا يعرف صاحب المحتوى المنشور هوية الأشخاص الذين قرأوا منشوراته (بخلاف من قام بعمل تفضيل أو اعادة تغريد)، فإن خاصية الـ Story تتيح لصاحب المنشور معرفة ذلك.
عدم وجود تفاعل مرئي واضح مع المنشور من قبل المتابعين كما هو الحال مع المنشورات التقليدية، ونقصد بذلك التفضيل واعادة التغريد.
لفهم نقاط جذب الـ Story، قام الباحثان من جامعة ميشيغن و مايكروسوفت بمقابلة ٢٢ مستخدم لخاصية الـ Story في انستقرام لفهم طريقة استخدامهم لها ودوافعهم كذلك. واعتمدا في التحليل على جانبين مهمين في التفاعل الإنساني في المنصات الاجتماعية: التمثيل الذاتي (Self-representation) صيانة العلاقات (Relational maintenance) .
التمثيل الذاتي
ويقصد بالتمثيل الذاتي أثناء التواصل في المنصات الاجتماعية بالصورة الذهنية التي يرغب رواد التواصل الاجتماعي باستخدامها للترويج عن ذواتهم، وليس بالضرورة أن تكون هذه الصورة مطابقة لذواتهم الحقيقة الواقعية. ومن الظواهر الملاحظة، أن يكون لنفس المستخدم شخصيات متعددة عبر منصات التواصل الاجتماعي، مثلا يعتمد شخصية معينة في تويتر تختلف تماما عن تلك التي يعتمدها في سناب تشات. هذه الشخصية والتي تسمى في علم الاجتماع ب "self" يمكن أن تظهر بأشكال متعددة ك ideal self أو الشخصية المثالية التي يرغب المستخدم وإظهارها للعلن و كذلك real self وهي الشخصية الحقيقة العفوية. مثلا: تشير بعض الدراسات أن عبر انستقرام، يسعى المستخدمون بإظهار الشخصية المثالية أما في السناب تشات فهم يظهرون الشخصية الحقيقية العفوية.

يكون التمثيل الذاتي في وسائل التواصل الاجتماعي عبر الحسابات الشخصية والتي تشبهها أدبيات ابحاث الحوسبة الاجتماعية بالمعارض الفنية: كل حساب يمكن تشبيهه بالمعرض الفني والذي يعرض المحتويات التي تم إنشاؤها من قبل المستخدم خلال تفاعله في تلك المنصة. وبالتالي، تكون تلك المحتويات عرضة للتدقيق والمتابعة من الجمهور الذي بدوره يشكل صورة ذهنية لصاحب المحتوى المنشور وفقا لما يراه في هذا المعرض.
ومن خلال هذا "المعرض"، يتلقى صاحب الحساب التغذية الراجعة من المتابعين وذلك عبر زر الإعجاب أو اعادة التغريد او الرد. و تعني هذه التغذية الراجعة، من وجهة نظر صاحب الحساب، شكل من أشكال الدعم للتمثيل الذاتي الذي قد يستميت صاحب الحساب في الحصول عليه. مثلا، يرى مستخدمو فيسبوك أن الحصول على عدد كاف من الإعجاب على ما ينشرونه مهم جدا لاستدامة هذا النشر، كما يعمد أغلبهم لحذف المحتوى الذي لم يحقق السقف الكافي من التغذية الراجعة، أي العدد الكافي من "اللايكات".
ومن وجهة نظر المتابعين، فإن حجم التفاعل الذي يلاحظونه لمنشور ما يحدد بشكل كبير رغبتهم في التفاعل مع هذا المنشور. مثلا، يميل المتابعون أحيانا في ضغط زر الاعجاب للمنشورات الحاصلة على اكبر عدد من الاعجاب (بغض النظر عن جودة المحتوى المنشور) أكثر من تلك الفقير رصيدها من عدد مرات الإعجاب. وقد يكون الدماغ هو مصدر محفز لهذا السلوك، حيث وجدت أحدى الدراسات، أن المراكز المسؤولة في الدماغ عن "معالجة المكافأة" و "المعرفة الاجتماعية" والانتباه تكون أكثر نشاطاً عن متابعة المنشورات ذات النصيب الأكبر من "اللايكات".
يتغير شكل التمثيل الذاتي في حالة منشورات الـ Story، حيث يقلل بشكل كبير من وطأة ضغوطات تعريض المحتوى للانتقاد والتدقيق من قبل المتابعين بسبب كونها محتوى مؤقت ليس له مكان في "المعرض". لكنه في نفس الوقت، قد يجعل المستخدمين في توجس دائم عند نشر أي محتوى على الـ Story بسبب كونها عامة وسهلة الوصول من قبل جميع المتابعين. مثلا، وجدت إحدى الدراسات أن مستخدمي سناب تشات يحرصون على نشر صور أكثر جودة في الـ Story لكونها مرئية لجميع المتابعين بينما قد يكتفون بتبادل السيلفي عبر الرسائل الخاصة.
صيانة العلاقات
يقصد بصيانة العلاقات الحفاظ على استدامة العلاقات وصحتها، وبالتأكيد في هذا السياق يقصد بها العلاقات بين المتابعين وصاحب الحساب. تعد التغذية الراجعة (الإعجاب والتفضيل، واعادة التغريد) أحد أهم أشكال الحفاظ على العلاقات في تلك المنصات، وهي تحمل في طياتها الكثير من الإشارات ك "لفتتني تغريدتك" أو "حازت على اهتمامي".
وبالطبع تسهم جودة التغذية الراجعة التي يحصل على صاحب المنشورات في تشجيعه للاستمرار في صناعتها، كما تشير الأبحاث كذلك الى أن أصحاب المنشورات يتطلعون دائما إلى مشاركة متابعيهم المقربين جدا في تقديم هذه التغذية الراجعة. كما يرى أصحاب المنشورات إلى أن هذه التغذية الراجعة تمثل شكل من أشكال التأييد والدعم العلني "endorsement" لصاحب المنشور من قبل المتابع، وتأكيد معلن للعلاقة التي تجمعهما.

يختلف أسلوب صيانة العلاقات في حال المنشورات عبر الـ Story بسبب غياب التغذية الراجعة التي قد يحصل عليها صاحب المنشور، حيث تُستعاض الأفعال التالية من قبل الجمهور: like , retweet and replay بفعل واحد فقط وهو view story, كما يتمكن صاحب المنشور من متابعة قائمة الأشخاص الذين تابعوا المنشور (view list).
ويمكن تفسير فعل view بكونه إيعاز باهتمام المتابع بما يقدمه صاحب المنشور، حيث وجدت دراسة على ال linkedin إلى أن ٧٠٪ من الأشخاص يقومون الاطلاع على صفحة من قام بالاطلاع على صفحتهم كإشارة لإبداء الاهتمام أو لفت النظر. وبالتالي يمكن القول أن متابعة المنشورات (مع معرفة أنهم سيظهرون في قائمة المتابعين) هي استراتيجية تواصل من الطراز الأول.
لماذا يفضل المستخدمون خاصية الـ Story - نتائج الدراسة:
يمكن تلخيص الأسباب كالتالي:
التحرر من حكم ونقد المتابعين عبر إخفاء التغذية الراجعة
يعتمد قرار نشر المحتويات في وسائل التواصل الاجتماعي بالتغذية الراجعة المتوقعة بعد النشر، و يزيد مستوى الضغوطات على صاحب المنشور اذا كانت التغذية الراجعة سلبية (يحصلون على ردود سلبية) أو معدومة (صفر لايك صفر ريتويت صفر ردود) والتي بدورها تهدد التمثيل الذاتي للمستخدم وكذلك صيانة العلاقات مع باقي المتابعين. في حالة النشر عبر الـ Story، لا وجود لهذا النوع من التغذية الراجعة المرئية، وبالتالي يشعر المستخدمون بأريحية أكبر عند نشر محتوياتهم عبر الـ Story.
View is the new Like
على خلاف المحتويات التقليدية التي تتطلب المشاركة بشكل مرئي ومكتوب، يتم صيانة العلاقات عند النشر عبر الـ Story بأقل جهد ممكن، حيث يجد ناشر المحتويات في فعل مشاهدة المحتوى من قبل المتابعين إشارة كافية للاهتمام وتقدير المتابع لما يقدمه من محتوى.
علاقات نوعية أفضل من خلال التفاعل عبر الرسائل الخاصة
كما يحصل صاحب المحتوى على تغذية راجعة أصيلة خاصة لا يطلع عليها سواه والمتابع الذي قام بإرسال هذه الرسالة، مما يسهم في تعزيز العلاقة بينه وبين ذلك المتابع بشكل مباشر.
جهد أقل في إعداد المحتوى وكذلك في تقديم التغذية الراجعة
بسبب عفوية السياق وكذلك قصر دورة حياة المحتوى المنشور عبر الـ Story، يسعى الناشرون بشكل عام إلى تقليل الجهد المبذول عند صناعة هذا النوع من المحتوى مما يجعلهم يفضلون اعتماده لنشر المحتويات بشكل سريع. وكما يفضل صاحب المحتوى استخدام الـ Story، يفضل المتابعون كذلك استخدامها عند تقديم التغذية الراجعة، فهو تمكن هذه التغذية بأقل جهد ممكن (عبر عرض المحتوى) أو حتى عند كتابة الرسائل الخاصة التي تخفف من ضغط الكتابة والرد على المستخدم على الملأ.
خاتمة
تقدم الـ Story نقلة نوعية لمستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يتيح إخفاء التغذية الراجعة إمكانية تكوين رؤى جديدة حول كيفية صيانة العلاقات والتمثيل الذاتي عبر الإنترنت. يسلط هذا البحث الضوء حول الجهد و ابداء الاهتمام و كونهم جزء لا يتجزأ من منظومة التفاعلات على وسائل التواصل الاجتماعي. سواء تم إرسالها بشكل خاص أو علني ، يكشف البحث أن التغذية الراجعة في وسائل التواصل الاجتماعي تعمل على (1) الاعتراف بجهود صاحب المنشورات والمتابعين في وسائل التواصل الاجتماعي و (2) و إرسال إشارات الاهتمام بالمحتوى .غالبًا ما يكون الجهد المبذول في المحتويات المنشورة عبر الـ Story أقل كما يرتبط بتوقعات منخفضة ومستوى منخفض من الردود.